السعودية تتعهد بأكثر من 600 مليون دولار للمساهمة في القضاء على شلل الأطفال ومكافحة الفقر

التمويل يقدم الدعم للمبادرات الحكومية والخاصة والخيرية داخل المنطقة العربية وخارجها.

كشفت المملكة العربية السعودية عن شراكة جديدة مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس تتضمن التزامات تمويلية كبيرة للقضاء على شلل الأطفال ومكافحة الفقر ودعم جهود الإغاثة في غزة وتعزيز القطاع غير الربحي في المملكة.

جاء ذلك خلال الاجتماع الخاص بالمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عُقد في الرياض في أبريل حيث تعهدت السعودية بالتبرع بـ 500 مليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال (GPEI)، وهي شراكة بين القطاعين العام والخاص تقودها حكومات وطنية مع ستة شركاء من بينهم مؤسسة بيل وميليندا غيتس.

ويمثل هذا الالتزام أكبر تعهد متعدد السنوات من قبل جهة مانحة سيادية لدعم الاستراتيجية الحالية للمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال وضمان توفير الخدمات الصحية الحيوية لملايين الأطفال سنوياً. ويوفر هذا التمويل الدعم لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) لتوفير لقاحات شلل الأطفال للسكان المحرومين في كل من أفغانستان وباكستان، البلدين الوحيدين في العالم اللذين لا يزال شلل الأطفال متوطناً فيهما.

بالإضافة إلى ذلك، تعهدت السعودية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس بمبلغ 3 ملايين دولار و15 مليون دولار، على التوالي، على مدى ثلاث سنوات لتمويل ’تحدي القضاء على شلل الأطفال‘ Polio Legacy Challenge، وهي مبادرة تمويلية تركّز على تحقيق النتائج ويديرها البنك الإسلامي للتنمية لتعزيز أنظمة الرعاية الصحية في أفغانستان وتحفيز الجهود المتواصلة لاستئصال شلل الأطفال.

وخلال كلمته في الاجتماع الذي عُقد في العاصمة الرياض، قال بيل غيتس، الرئيس المشارك لمؤسسة بيل وميليندا غيتس:"سيسهم هذا الاستثمار الصحي العالمي في تعزيز وبناء منظومات صحية ومجتمعات أكثر قوة ومرونة في ظل الأزمات المتعددة والتحديات التي يشهدها العالم".

وتابع غيتس بالقول: "يعد شلل الأطفال أحد الأمراض الخطيرة والمخيفة، والتي يجب أن تندثر إلى الأبد. واليوم أشعر بالفخر بالنموذج المُلهم الذي قدّمته المملكة العربية السعودية، بالتعاون مع الشركاء في منطقة الشرق الأوسط، حيث بادرت للمساعدة في تقديم المزيد من لقاحات شلل الأطفال وتطعيمات الحصبة وغيرها من الخدمات الصحية الضرورية لملايين الأطفال سنوياً".

image title
ثاني شخص من اليسار - تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بيل غيتس، الرئيس المشارك لمؤسسة بيل وميليندا غيتس، ميان محمد شهباز شريف، رئيس وزراء باكستان؛ وفهد بن عبدالرحمن الجلاجل، وزير الصحة السعودي؛ عبد الله الربيعة، المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية؛ أنيتا زيدي، رئيسة قسم المساواة بين الجنسين، مؤسسة بيل وميليندا غيتس. الصورة: المنتدى الاقتصادي العالمي

وخلال الاجتماع أيضاً كشفت المملكة العربية السعودية عن تقديم تمويل بقيمة 100 مليون دولار لصندوق العيش والمعيشة Lives and Livelihoods Fund، وهو مشروع مشترك يضم عدد من المؤسسات الشريكة من بينها صندوق أبوظبي للتنمية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس والبنك الإسلامي للتنمية ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وصندوق قطر للتنمية.

ويستثمرصندوق العيش والمعيشة، وهو أكبر مبادرة تنموية متعددة الأطراف في الشرق الأوسط، في تعزيز الرعاية الصحية الأولية، والقضاء على الأمراض المعدية التي يمكن الوقاية منها، ودعم المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة والزراعة في المناطق الريفية، وتحسين البنية التحتية الأساسية في الدول الأعضاء الـ 33 في البنك الإسلامي للتنمية.

اقرأ المزيد عن صندوق العيش والمعيشة

لعب صندوق العيش والمعيشة، الذي تم إنشاؤه عام 2015، دوراً نشطاً في كسر الحواجز التي تمنع الأفراد والمنظمات والحكومات في البلدان ذات الدخل المنخفض من الحصول على الموارد التي يحتاجون إليها لانتشال أنفسهم من الفقر.

وقد تم تدشين المرحلة الثانية من الصندوق العام الماضي على هامش الاجتماعات السنوية للبنك الإسلامي للتنمية لعام 2023 بهدف حشد الموارد اللازمة لمدة خمس سنوات من قبل مؤسسة بيل وميليندا غيتس وصندوق التضامن الإسلامي للتنمية، ذراع البنك الإسلامي للتنمية لمكافحة الفقر.

وبهدف دعم 33 دولة عضو في البنك لتحقيق 10 أهداف من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، خصص صندوق التضامن الإسلامي للتنمية موارد وتمويلات بقيمة 150 مليون دولار، بينما أعلنت مؤسسة بيل وميليندا غيتس عن التزامها بتقديم 20 بالمئة من إجمالي المنح المقدمة لصندوق العيش والمعيشة بقيمة تصل إلى 100 مليون دولار.

وانطلاقاً من نموذج التمويل المتنوع والمبتكر، نجح الصندوق في حشد 30 دولاراً مقابل كل دولار واحد من المانحين. وقد أدى هذا النهج إلى توفير تمويلات كبيرة وبشروط ميسرة وساهم في بناء محفظة تقدر بحوالي 1.4 مليار دولار تشمل 37 مشروعاً تحويلياً في 22 دولة.

يذكر أن صندوق العيش والمعيشة هو مشروع مشترك يضم عدد من المؤسسات الشريكة من بينها صندوق أبوظبي للتنمية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس والبنك الإسلامي للتنمية ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وصندوق قطر للتنمية.

كما أعلنت مؤسسة بيل وميليندا غيتس أنها ستتعاون مع وزارة الصحة السعودية لضمان سلامة حجاج بيت الله الحرام من خلال تعزيز جهود مراقبة الأمراض وإجراء الفحوصات، وتوفير حلول آمنة للحفاظ على النظافة العامة لملايين الحجاج، وتقديم المساعدة الفنية لدعم قدرات المملكة في تصنيع اللقاحات لمساعدة البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في الحصول على اللقاحات بتكاليف أقل.

وبهذا التعهد الجديد ستصبح المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي تتبنى فريق الاستجابة للطوارئ الصحية العالمية التابع لمنظمة الصحة العالمية، مما يسهم في جهود التأهب والاستجابة العالمية للأوبئة.

ولتسهيل عملها داخل السعودية، أعلنت مؤسسة بيل وميليندا غيتس أيضاً أنها ستفتتح مكتباً لها في مدينة محمد بن سلمان غير الربحية في الرياض ليكون الأول للمؤسسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وسيركز هذا المكتب على تعزيز مشاركة الشباب وفعالية قطاع المنظمات غير الربحية وغير الحكومية في المملكة بالتعاون مع مؤسسة مسك، المؤسسة غير الربحية التي أسسها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.

وقال وزير الصحة السعودي فهد بن عبد الرحمن الجلاجل أن "هذه الجهود والاستثمارات المبذولة في سبيل تعزيز الصحة العالمية لا تنطوي فقط على مكاسب إيجابية؛ بل تعد بمثابة ضرورة استراتيجية لضمان مستقبل مزدهر وأكثر مرونة لنا جميعاً".

وأضاف قائلاً: "يواجه عالمنا اليوم العديد من التحديات الصحية، ومن هنا تبرز مسؤولياتنا ودورنا في تقديم مساهمات نوعية بالتعاون مع شركائنا لردم مثل هذه الفجوات. ونحن ندرك أنه من خلال توحيد جهودنا، يمكننا التخفيف من معاناة العديد من الأفراد وتحسين ظروفهم الصحية".

من جهته، قال الدكتور عبدالله الربيعة، المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية: "من خلال التعاون مع شركائنا، بما في ذلك مؤسسة بيل وميليندا غيتس والمبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال والبنك الإسلامي للتنمية والدول الرئيسية في المنطقة، لن يقتصر دعمنا على القضاء على شلل الأطفال فحسب، بل سيسهم كذلك في تعزيز وتطوير المنظومات الصحية في هذه البلدان".

كما أعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس عن تخصيص كل منهما مبلغ 4 ملايين دولار كمنحة لإغاثة غزة. ويهدف هذا التمويل الذي سيتم توجيهه من خلال اليونيسيف إلى تقديم المساعدات والتدخلات الصحية وضمان توفير الخدمات الأساسية كالمياه والصرف الصحي للقطاع.-PA