نداءات وحملات إغاثة لمتضرري الزلزال المدمّر الذي سوى مدناً في تركيا وسوريا بالأرض

المانحون الخليجيون يسارعون لدعم جهود الاستجابة للكارثة مع ارتفاع عدد الضحايا ووسط درجات الحرارة الشديدة البرودة وعرقلة قوافل الإغاثة.

سارعت الحكومات وروّاد العطاء والأعمال التجارية والأفراد من جميع أنحاء منطقة الخليج لتقديم الدعم للمتضررين من الزلازل الذي ضرب تركيا وسوريا. فقد تم التبرع بملايين الدولارات في غضون أيام قليلة وإرسال طائرات محملة بالأغذية والبطانيات والإمدادات الطبية وفرق البحث والإنقاذ إلى المناطق الأكثر تضرراً في كلا البلدين.

وكان الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة قد ضرب منطقة قريبة من مدينة غازي عنتاب في جنوب شرق تركيا بالقرب من الحدود السورية في ساعات الصباح الأولى من يوم الاثنين 7 فبراير متبوعاً بالعشرات من الهزات الارتدادية التي وصلت مناطق بعيدة مثل مصر وقبرص.

وفي البلدات والمدن الأقرب إلى مركز الزلزال، انهارت المباني الشاهقة متسببة بتحطم السيارات وتركت الناس محاصرين تحت أكوام من الطوب والزجاج. وبعد بضع ساعات فقط، وقع زلزال آخر بلغت شدته 7.5 درجة وتبعه المزيد من الهزات الارتدادية والمزيد من الدمار، مما سوى أحياءً بأكملها بالأرض وقطع إمدادات الكهرباء والمياه عن السكان.

وانضمت فرق البحث والمسعفون ومدربو كلاب الإنقاذ والجنود من جميع أنحاء العالم إلى العاملين في خدمات الطوارئ المحلية للبحث عن ناجين بين الخرسانة والقضبان المعدنية الملتوية. وفي قصة مؤثرة، تم انتشال طفلة حديثة الولادة على قيد الحياة من تحت الأنقاض وكان حبلها السري لا يزال متصلاً بوالدتها التي قضت نحبها في الزلزال.

وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي بذلها رجال الإنقاذ، إلا أن الحجم الهائل للدمار أعاق عملهم فضلاً عن الظروف الجوية الصعبة ومحدودية الوصول إلى أجزاء من سوريا التي لا تزال معزولة جراء الصراع، الأمر الذي لم يترك خياراً أمامهم سوى القيام بالعديد من عمليات البحث يدوياً.

لهذا السبب ارتفع عدد الأشخاص الذين قضوا في الزلزال في غضون ثلاثة أيام فقط إلى أكثر من 17,000 ليصبح بذلك أحد أكثر الزلازل فتكاً في العالم منذ ما يقرب من عقد من الزمن. ومن المرجح أن تفوق الحصيلة النهائية للقتلى ذلك الرقم بكثير.

وتمتد المنطقة المتضررة من مدينتي حلب وحماة السوريتين وصولاً إلى ديار بكر في تركيا التي تقع على بعد أكثر من 200 ميل، مما جعل نحو 23 مليون شخص بحاجة ماسة إلى المساعدات الطارئة وترك مئات الآلاف بلا مأوى في درجات حرارة شديد البرودة.

وقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في 10 ولايات ضربها الزلزال وأعلن عن حزمة مساعدات نقدية ترعاها الدولة تعادل 532 دولاراً للأسر المتضررة.

image title image title
تسبب الزلازل في تشريد مئات الآلاف من الأشخاص. كما واجهت جهود الإنقاذ عراقيل بسبب تساقط الثلوج وانخفاض درجات الحرارة. الصورة: الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر

أما في شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة وتعرض للقصف من قبل الغارات الجوية الحكومية والروسية لعدة سنوات، لم يؤد الزلزال إلا إلى تعميق المعاناة الموجودة أصلاً هناك. فالمنطقة التي تأوي الملايين من الأسر النازحة تعاني بالفعل من بنية تحتية متهالكة ومن تفشي الكوليرا.

وقال سيباستيان غاي، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في سوريا أن "الاحتياجات بلغت مستويات هائلة في شمال غرب سوريا، إذ زاد الزلزال من معاناة الفئات السكانية الأكثر حاجة التي ما زالت تكافح بعد سنوات من الحرب".

مع ذلك، وعلى الرغم من هذه الاحتياجات الملحة، مرت أربعة أيام قبل أن تتمكن قافلة المساعدات الأولى من الوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في ظل التسييس الذي يحيط بعملية توصيل المساعدات عبر الحدود مع تركيا. وقد وحد عمّال الإغاثة والناشطون أصواتهم داعين إلى فتح المزيد من الممرات للسماح بمرور المواد الأساسية إلى سوريا عبر تركيا، فضلاً عن ضرورة فتح الطريق الرسمي عبر العاصمة السورية دمشق.

واستجابة للزلزال، أطلق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر نداءين طارئين بقيمة 200 مليون فرنك سويسري (220 مليون دولار) بهدف دعم الهلال الأحمر العربي السوري والهلال الأحمر التركي والفرق الوطنية التي تعمل على الخطوط الأمامية في كلا البلدين.

من جهته، قال كزافييه كاستيلانوس، وكيل الأمين العام لتطوير الجمعيات الوطنية وتنسيق العمليات في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر: "إن ظروف الشتاء القاسية أدت الى تفاقم أوجه الضعف، مما يجعل الوضع غير محتمل بالنسبة للكثيرين. إن الظروف المعيشية السيئة، لا سيما في سوريا، قد ازدادت سوءاً وتوسعت بسبب الحرب التي استمرت عقداً من الزمان... [ولذلك] يجب أن نوحد قوانا ونبذل قصارى جهدنا للمساعدة".

"زاد الزلزال من معاناة الفئات السكانية الأكثر حاجة التي ما زالت تكافح بعد سنوات من الحرب".

سيباستيان غاي، منظمة أطباء بلا حدود

وفي الإمارات العربية المتحدة، وجه رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتقديم حزمة مساعدات بقيمة 100 مليون دولار (50 مليون دولار لتركيا و50 مليون دولار لسوريا). وتضمنت المساعدات إرسال سبع طائرات محملة بالإمدادات الطبية وغيرها، وفريق إماراتي للبحث والإنقاذ، وإنشاء مستشفى ميداني في مدينة غازي عنتاب.

من جهته، أمر الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة وحاكم دبي، بتقديم مساعدات إنسانية بقيمة 50 مليون درهم (13.6 مليون دولار) لدعم المتضررين السوريين عبر مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية.

كما أطلقت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي حملة تطوعية بعنوان "جسور الخير" بالشراكة مع العديد من الجمعيات الخيرية المحلية، من بينها دبي العطاء، وجمعية دار البر، ومؤسسة موانئ دبي العالمية، وجمعية دبي الخيرية، من أجل جمع الأموال والمساعدات العينية من رجال الأعمال والأفراد لإرسالها إلى الأسر السورية والتركية المتضررة.

وشملت التبرعات السخية لهذه الحملة مبلغ 50 مليون درهم قدمه صندوق الشيخة فاطمة للمرأة اللاجئة.

وفي الإمارات أيضاً قامت الشركات الإماراتية بحشد المساعدات: فأعلنت الأنصاري للصرافة عن تبرع بقيمة مليون دولار لجهود الإغاثة؛ وأضاف تطبيق ’كريم‘ خاصية جديدة لعملائه في الأردن للتبرع مباشرة لجهود الاستجابة للزلزال؛ وأعلن معرض آرت دبي على وسائل التواصل الاجتماعي عن التبرّع بنصف عائدات التذاكر للإغاثة من الزلزال في سوريا وتركيا.

أما في المملكة العربية السعودية، أطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية حملة عبر منصة ’ساهم‘ الإلكترونية لجمع ملايين الدولارات لتغطية تكاليف الإمدادات الأساسية والفرق التي سيتم نقلها إلى المنطقة التي ضربها الزلزال، كما تم إطلاق حملات مماثلة في قطر والكويت.-PA

اقرأ المزيد